إن اليوتوبيا هي المكان الطيب أو السعيد الذي يجد الإنسان فيه كافة المتع ووسائل الراحة التي يسعى إليها، ويتخلص فيه من تلك الأشياء السيئة كالموت والفراق والألم والعمل الشاق وكافة تلك الأشياء التي تفرضها عليه الحياة الواقعية، أي أن اليوتوبيا هي المدينة المثالية.
إن مصطلح اليوتوبيا المأخوذ من اللغة الإغريقية يعني اللامكان أو اللاموقع، وقد تم استخدام هذا المصطلح لأول مرة على يد الكاتب الإنجليزي (توماس مور) في كتابه القصير (يوتوبيا) المكتوب باللاتينية والذي ظهر عام 1516 م، وقد قام (مور) في هذا الكتاب برسم صورة لمجتمع يوتوبي قائم على إحدى الجزر غير المعروفة، يتمتع مواطنيه بمساواة واسعة النطاق. وعلى الرغم أن له قوانين صارمة وعقوبات قاسية تحكمه، فقد صوّر (مور) الحياة اليومية لسكان هذا المجتمع على أنها أفضل صورة للمجتمع يمكن الحصول عليها.
هناك مصطلح انبثق من مصطلح اليوتوبيا لكنه مضاد لمعناها. كان هذا المصطلح هو الديستوبيا وهي المكان السيء الذي يتعرض فيه البشر إلى كافة الأهوال والشرور، وتنظر تلك الفكرة إلى اليوتوبيا على أنها فكرة غير واقعية وغير قابلة للتحقيق ومن الممكن أن ينتج عن التمسك بها أو محاولات تطبيقها في كثير من الأحيان نتائج كارثية، لكن ذلك النقد الموجه لم يمنع الناس من البحث عن وسائل وطرق تجعل حياتهم أفضل وتخلصهم من القيود والمخاوف في هذه الحياة، طالما أنه من الممكن أن يعيشوا حياة أسوأ بعد الموت.
وعلى الرغم من أن (مور) كان أول من ابتكر هذا المصطلح في القرن السادس عشر، فإن الفكرة نفسها كانت موجودة لدى البشر قبل (مور) بسنوات كثيرة؛ حيث يعود تاريخها إلى ألفَي عام قبل الميلاد؛ حيث كانت الأحلام الأولى المتعلقة باليوتوبيا مكتوبة على أحد الألواح السومرية. ومنذ ذلك الحين مرت كثير من الثقافات بتلك الرؤى اليوتوبية، وسعت إلى تنفيذها على أرض الواقع، وأصبحت اليوتوبيا ترتبط مع كثير من النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية ووجدت طريقها إلى الدين والأيديولوجيا والمجتمع.
المجتمعات المقصودة (الكوميونات)
هي تلك المجتمعات التي تتكون من مجموعة من الأفراد من أسر مختلفة، يعيشون معًا نمط حياة متفق عليه وفقًا لقيم مشتركة فيما بينهم بغرض تحقيق هدف معين، أو شكل محدد لما يرغبون أن يكون عليه مجتمعهم الصغير. كانت بعض الكوميونات تقوم بإلغاء الفروق الجنسية في تخصيص العمل، البعض الآخر كان يقوم بإلغاء التمييز بين العمل البدني والعقلي، وبعضها قامت بإلغاء القيود الجنسية، والبعض الآخر -كالمجتمعات النباتية -قامت بإلغاء بعض أنواع الطعام، وإعادة خلق عادات وقيم جديدة فيما يتعلق بالغذاء.
كانت هذه الكوميونات في كثير من الأحيان دينية: من بينها المجتمعات الهندوسية للأشرام، والأديرة البوذية، ومجتمعات الأسينيون -وهي إحدى الجماعات الدينية اليهودية -بالإضافة إلى الجماعات الدينية المسيحية التي كانت تعيش معًا على نحو جماعي ومن خلال ملكية مشتركة في كل شيء، وقد كانت (آباء الصحراء) من أوائل المجتمعات المسيحية التي تشكلّت.
أديرة الرهبان في المسيحية
كان الهدف من خلق نظام الرهبنة الذي وضعه القديس (بندكت) هو خلق نوع من اليوتوبيا الدينية داخل الدير تعمل على توفير سبل أفضل للعيش، وجعل الحياة المستقيمة ممكنة، لكن المبادئ التي وضعها القديس (بندكت) فيما يتعلق بنظام الرهبنة والتقشف كانت شديدة الصعوبة، ولم يستطع كثير من الرهبان التمسك بها، وهو ما جعلها خاضعة للعديد من محاولات الإصلاح المستمرة .
وقد ظهرت أثناء حركة الإصلاح في القرن السادس عشر بعض المجتمعات الدينية المسيحية مثل الأخوية الهوترية لمؤسسها (جاكوب هوتر). كانت تسعى إلى إقامة مجتمع يقوم على الملكية المشتركة واللاعنف، وانتشرت تلك المجتمعات في (الولايات المتحدة) و(كندا)، ووصلت أعدادها اليوم حوالي 500 جماعة، وقد نشأت العديد من المجتمعات الدينية الأخرى التي تسعى إلى ممارسة طقوسها الخاصة وتكوين شكل المجتمع الذي ترغب به: من بينها جماعات (الشيكرز) المؤمنون بالظهور الثاني للمسيح، وأنه قد حدث بالفعل متخذًا شكلاً أنثويًا متمثلاً في مؤسسة الجماعة (آن لي).
الكيبوتسات
كان أول كيبوتس قد تم تأسيسه هو (ديجانا) في (فلسطين) عام 1920 م، انتقل إليه الكثير من اليهود الشباب، وقد تم تأسيس العديد من الكيبوتسات الأخرى هناك حتى كونت ما يُعرف الآن بـِِ (إسرائيل)، وقد نشأت تلك الكيبوتسات من الحلم اليوتوبي اليهودي حول بناء وطن لهم جميعًا على تلك الأراضي المقدسة.
مجتمعات حقبة الستينات
شهدت الكوميونات في حقبة الستينات زيادة ملحوظة في (أوروبا) و(أمريكا الشمالية)، وقد كانت تلك المجتمعات متأثرة بالأديان الشرقية كالبوذية والهندوسية؛ حيث بدأ رهبان هذه الديانات بالانتقال إلى الغرب للتبشير والدعوة لمعتقداتهم. وبالإضافة إلى تلك المجتمعات الدينية، نشأت مجتمعات يوتوبية أخرى تهدف إلى تحقيق معايير اجتماعية محددة.
من بين تلك المعايير: مشاركة كافة الموارد المتاحة وتوزيعها بالتساوي، اتخاذ القرارات باستخدام شكل من أشكال إجماع الآراء أو التصويت المباشر، وإرساء المساواة بين الجميع، وعدم السماح بالتمييز العنصري في أي شكل من أشكاله، ومن أشهر هذه المجتمعات: مجتمع (توين أوكس) في ولاية (فيرجينيا) في (الولايات المتحدة) ومجتمع (لوس هوركونز) في (المكسيك).
اكمل قراءة الملخص كاملاً علي التطبيق الان
ثقف نفسك بخطة قراءة من ملخصات كتب المعرفة المهمة
هذه الخطة لتثقيف نفسك و بناء معرفتك أُعدت بعناية حسب اهتماماتك في مجالات المعرفة المختلفة و تتطور مع تطور مستواك, بعد ذلك ستخوض اختبارات فيما قرأت لتحديد مستواك الثقافي الحالي و التأكد من تقدم مستواك المعرفي مع الوقت
حمل التطبيق الان، و زد ثقتك في نفسك، و امتلك معرفة حقيقية تكسبك قدرة علي النقاش و الحوار بقراءة اكثر من ٤٣٠ ملخص لاهم الكتب العربية الان